بقلم علي خيرالله شريف
صدَّعتم رؤوسنا بجدالكم البيزنطي طيلة سنواتٍ من الأمن والسلام اللذين صنعتهما المقاومة، حوَّلتموها إلى سنواتٍ عجافٍ من الصخب والضوضاء والبروباغندا والغوغاء. شعاركم "عنزة ولو طارت". أنكرتم الانتصارات، وأنكرتم عدوانية العدو، ثم تبجَّحتم أنه يكفي أن يرفع الجيش العلم اللبناني ويقف منتصباً على الحدود حتى يرتدع العدو ويرتعب وينكفئ. وادَّعيتم أن الأمم المتحدة تحمينا والولايات المتحدة تضمن أمننا والمملكة المتحدة تناصرنا، وفرنسا تحنو علينا والغرب يحفظنا، ولا داعي للمقاومة ولا للسلاح ولا للدعم.
منكم السُذَّج الذين "تفصحنوا" باستراتيجية "الناضور"، ومنكم من تفلسف بالتنظير عن المجتمع الدولي، ومنكم من طبَّل وزمَّرَ للإجماع العربي، ومنكم من صَوَّرَ العدو حمامة سلام، ثم كَذِبَ أن تاريخه خالٍ من العدوان، ومنكم من تراقص وتغربل وتمايل وقدم الاستعراض تلو الاستعراض على المنابر والشاشات، وهو أوهن من بعوضة.
لقد شيطنتمونا، وحرُّضتُم علينا، ووشيتم بنا، واتهمتونا بالإرهاب وبالجرائم فعلها أسيادكم وصدقتكم ذلك بحقدكم حتى الغباء، وتشبثتم بضلالكم حتى العمى، وائتمرتم بنزوات الأمير والسفير والمبعوث والوزير والوضيع والحقير، حتى سلمتم البلد إلى المجهول، وأوصلتمونا اليوم إلى ما نحن عليه من حالٍ يُرثى لها؛ جيش لبناني أعزل، ومقاومة مُحَيَّدة، وشعب مشرد، وقوات دولية عاجزة ومتواطئة، ولجان مشبوهة تشرف علينا برئاسة العدو الذي يعربد على مزاجه في جنوبنا وبقاعنا وسمائنا ومياهنا.
أيها الأوباش المنبطحون حتى العمالة، هل جربتم ما أنتم تنكرون؟
هل تيقنتم أنكم وضعتم جيشنا المظلوم والمحروم والمحاصر من جبابرة الغرب وأجلاف الصحاري، في مأزقٍ لا يستطيع النفاذ منه باللحم الحي وبانعدام القرار وبانصياع السلطة لنزوات أسيادكم ورعاتكم ومُشَغليكم؟
يا ليتكم تتذكَّرون ما حصل عام ١٩٨٣ بعد الاجتياح. يومها كنا ما زلنا أطفالاً، وكان عودنا طرياً، فأخرجنا العدوَّ أفقياً، بأجسادنا وأظافرنا وبالزيت المغلي وبفتوى "الموقف سلاح والمصافحة اعتراف" وبفتوى "إسرائيل شرٌّ مطلق".
فاعلموا أيها الشامتون الشتامون المشتتون ذهنياً وعقلياً ووطنياً، الجاهلون بمعنى الوطنية وأصولها، وبمعنى الكرامة وعنفوانها، وبمعنى السيادة وأحكامها؛ أننا اليوم أقوى مما تظنون وأصلب مما تتوقعون، وأكثر بأساً برغم النوائب والرزايا، ولن تهزمنا كثرة الخونة والمطبعين، وسيعلم الذين ظلمونا أي منقلبٍ ينقلبون، مهما تحصنوا بجيوش المعربدين والزاحفين. واعلموا أن لبنان لا يمكن حمايته إلا بالثلاثية الذهبية التي تعلمون.
السبت ٢٨ كانون الأول ٢٠٢٤